منافسة الكهرباء: فورد يكبح خسائره بنجاح محركات الاحتراق الداخلي
في عالمٍ مُدمجٍ بألوانه المتناقضة، تتلاقى أشعة الشمس مع بقايا دخان تصاعدت من سيارات “فورد” ذات المحركات الكلاسيكية، التي تصنعها الشركة منذ عقودٍ طويلة.
تواجه “فورد” الآن طموحًا أكبر، فتبدأ مسيرةً جديدةً في عالم السيارات الكهربائية، وتُظلمُ سماء التحديات، وتتناوب الأمطار بين الأفراح والأحزان.
حيث تُخطِطُ الشركة الأمريكية لدخول عالمٍ مُتألقٍ مليءٍ بسيارات الكهرباء، إلّا أنّ ثمن الانتقال إلى هذا العالم كان أغلى مما كانوا يتوقّعون، حيث تتجه “فورد” إلى خسائر مليارية في قطاع السيارات الكهربائية خلال العام الجاري.
لكن ما يمنحها الأمل والمرونة المالية هو النجاح الجارف لسيارات الاحتراق الداخلي، التي لا تزال تتصدّر سوق المبيعات.
فورد تطمح لدخول عالم السيارات الكهربائية
يسجّلُ قسم السيارات الكهربائية في “فورد” خسائر تُقدّر بنحو 1.1 مليار دولار (ما يعادل مليار يورو) من إجمالي الإيرادات البالغة 1.8 مليار دولار.
وتتوقع الشركة الآن خسارة ملحوظة للغاية في هذا القطاع خلال العام بأكمله، حيث تتوقع خسارة تجارية قدرها 4.5 مليارات دولار، وهذه الأرقام تفوق توقعات المحللين الذين كانوا يتوقّعون خسائر تصل إلى 3 مليارات دولار.
مع سعي الشركة للوصول إلى سعة إنتاج تصل إلى 600,000 سيارة كهربائية في العام، تحديدًا في عام 2024، بدلًا من خططها السابقة لتحقيق ذلك في العام الحالي، تعتزم “فورد” تمويل هذا الانتقال من خلال بيع سيارات تعمل بالاحتراق الداخلي، التي تضفي الكثير من الأموال إلى خزائن الشركة.
إذ يُظهرُ قسم السيارات التقليدية اللون الأزرق الفاخر، حيث حقّقت نتيجة تشغيلية بقيمة 2.3 مليار دولار من إجمالي الإيرادات البالغة 25 مليار دولار.
وتحقق أرباحًا أكبر حتى من قسم المركبات التجارية، حيث حقّقت أرباحًا تجارية بقيمة 2.4 مليار دولار من إجمالي الإيرادات البالغة 15.6 مليار دولار.
وفي هذه المعركة المحمومة بين شركات السيارات، تسعى “فورد”، مثل الآخرين، لتأسيس قواعد أقوى في سوق السيارات الكهربائية، التي يهيمن عليها حاليًا “تسلا”.
وتشهد الولايات المتحدة الآن منافسةً قويةً في فئة المركبات الكبيرة من النوع “بيك أب”، والتي لا تزال تُعَدّ فئة شعبية ولكنها ما زالت جزئيًا لم يتم استكشافها بشكلٍ كامل.
في حين تعمل “تسلا” على زيادة إنتاج شاحناته الكهربائية “كايبر تراك”، قامت “فورد” ببيع نموذج كهربائي من سيارتها الأكثر شهرة “إف-150″، ولكن بأعداد قليلة حتى الآن.
وتواجه “فورد” بعض العقبات في مسارها نحو المستقبل الكهربائي، حيث توقف إنتاج نموذجها الكهربائي “إف-150 لايتنينغ” بسبب حريق في بطاريته، وقررت التحقيق في الأمر بحزم وتعليق الإنتاج لفترة مؤقتة.
ويعمل الفريق الآن على زيادة سعة الإنتاج إلى 150,000 سيارة في العام، على أمل تحسين الأداء وتحقيق النجاح، وفي هذا السياق، قام مدير الشركة بتخفيض سعر “إف-150 لايتنينغ” بحوالي 10,000 دولار في منتصف يوليو، مُشيرًا إلى تخفيض التكاليف وزيادة الكفاءة.
وأكد المدير أنّه لن يفقد التوازن وراء سياسة التسعير من أجل الحصول على حصة أكبر من السوق.
ويؤكد رئيس “فورد” بقوة أنّ البرمجيات ستكون المجال الذي ستتفوق فيه العلامات التجارية على بعضها البعض، فالتصميم والأداء وجودة البناء تعتبر أمورًا تُعَتَّبرُ تفضيلاتٍ أساسيةً في سوق السيارات الكهربائية.
إلا أن النجاح الحقيقي يكمن في سرعة استخدام البيانات المستمدة من السيارة لتحسين البرمجيات بما يناسب العملاء، وبهذه الطريقة، ستكون البرمجيات هي المفتاح الأساسي في المنافسة في سوق السيارات الكهربائية.
ومن خلال التحقيق والدراسات التي أجرتها “فورد”، اكتشفت الشركة أنّ العملاء الذين يشترون سياراتها الكهربائية ليسوا متعلقين بشكلٍ قوي بعلامتها التجارية في أول تجربة لهم مع السيارات الكهربائية.
ومع ذلك، فإن الأمر يختلف عندما يكونون جاهزين لشراء السيارة الكهربائية الثانية، حيث يكونون أكثر تمسكًا بالعلامة التجارية التي اعتمدوا عليها سابقًا.
ومن المثير للاهتمام أنّ السيارات الكهربائية تحولت لتغيير مفهوم المجموعات الهدفية، فعندما تم طرح سيارة الـ “إف-150 الكهربائية”، كانت هذه السيارة هي الفورد الأولى لغالبية المشترين وأول “بيك أب” لهم.
وتُظهِرُ الأرقام الكبيرة نموًا في مبيعات الشركة في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 12٪ مقارنةً بالعام السابق، حيث قفزت الأرباح من 667 مليون دولار إلى ما يقارب 1.92 مليار دولار.
وتتوقع الشركة الآن أن تكون النتائج التجارية بين 11 و12 مليار دولار في العام الحالي بعد إزالة بعض التكاليف، وكان النطاق المتوقع سابقًا بين 9 و11 مليار دولار.
هذه هي قصة “فورد” وتحدياتها وطموحاتها في السوق الكهربائية، فتستعد للانطلاق نحو مستقبلٍ مُلهِم بالتجدد والتحديات والفرص، وسيظل عالم السيارات الكهربائية مجالًا يستدعي التطور المستمر والإبداع المستدام.
يمكنكم أيضًا قراءة مقالات موسوعة ألماني بيديا باللغتين الإنجليزية والألمانية عبر الرابطين التالين: AlmanyPedia EN – AlmanyPedia DE
كما يمكنكم متابعة أحدث اخبار المانيا اليوم بشكلٍ يومي عبر الاشتراك في خدمة الإشعارات لدينا بشكلٍ مجاني.